النمو غير المتكافئ
وفقًا لتقرير متريك، بلغ إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية في الربع الأول من عام 2025، 101.4 تريليون دونج، بزيادة قدرها 42.29% عن الفترة نفسها من العام الماضي. ولكن إذا نظرنا بعمق في هيكلها، يتضح جليًا أن التباين يزداد وضوحًا: إذ تستحوذ الشركات الكبيرة على الحصة السوقية الأكبر، بينما تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة من انخفاض الإيرادات وارتفاع التكاليف.
تفقد الرسائل النصية القصيرة (SMS) قوتها تدريجيًا وتُدفع خارج ساحة التجارة الإلكترونية. صورة توضيحية.
على وجه التحديد، لن يكون لدى حوالي 38,000 متجر صغير أي طلبات في عام 2025؛ كما سينخفض عدد المتاجر التي لديها طلبات بشكل حاد من 700,000 إلى 626,000. هذه ليست مجرد ظاهرة مؤقتة، بل أصبحت اتجاهًا مقلقًا. في الواقع، الشركات التي لا تملك القوة الكافية لإطلاق حملات إعلانية، ولا تستطيع الاحتفاظ بعملائها من خلال العروض الترويجية المستمرة، تُسحق بسهولة من قِبل الشركات الكبرى.
لا تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة من ضعف ميزانيتها فحسب، بل إنها أيضًا سلبية في التحكم بالبيانات ورحلة العميل. فاعتمادها شبه الكامل على منصات التجارة الإلكترونية الأجنبية يجعل من المستحيل عليها التحكم في ملفات المشترين، ومعلومات التعليقات، ويصعب عليها الحفاظ على علاقات طويلة الأمد.
على العكس من ذلك، تمتلك الشركات الكبرى مثل يونيليفر وسامسونج علامات تجارية مرموقة وفرق تسويق محترفة، وهي مستعدة لضخ مليارات الدولارات في الإعلانات التجارية. بالنسبة لها، لا تُشكّل زيادة تكاليف التشغيل مشكلة. في الواقع، تُقلّل التكاليف المرتفعة من منافسة الشركات الصغيرة، مما يُنشئ احتكارًا غير مباشر. لذلك، تُدفع الشركات الصغيرة والمتوسطة تدريجيًا خارج مواقع البحث الرئيسية، فتفقد مشاهداتها، وتُقلّل معدلات التحويل، ثم تنسحب من السوق.
وفقًا لبحث أجرته شركة نيلسن آي كيو، يشهد سلوك التسوق لدى المستهلكين تغيرًا سريعًا. لم يعد المستهلكون مخلصين لمنصة واحدة. وقد أشارت السيدة لي مينه ترانج، المديرة المساعدة للشركات الصغيرة والمتوسطة في نيلسن آي كيو فيتنام، إلى أنه يمكنهم عرض المنتجات على تيك توك، والعثور على أسعار جيدة على شوبي، والشكوى عبر فيسبوك، واستلام البضائع من المتجر.
وبالتالي، يتطلب نموذج “نقاط اللمس المتعددة” (متعدد القنوات) من الشركات مزامنة البيانات بشكل مستمر وتحسين التجارب عبر جميع القنوات، وهو ما يصعب على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تحقيقه إذا كانت تعمل بمفردها أو وفقًا للنموذج التقليدي.
على وجه الخصوص، أصبح الذكاء الاصطناعي أداةً شائعةً في التجارة الإلكترونية، بدءًا من توصيات المنتجات، وتحليل الطلب، وتخصيص المحتوى، وصولًا إلى دعم خدمة العملاء. وبالتالي، يتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في العديد من المراحل، إلا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة، نظرًا لنقص القدرات التكنولوجية والمالية، تواجه صعوبةً في تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل منهجي، مما يجعلها متأخرةً في منافسة تكنولوجية تُفترض أن تكون فيها الفرص متكافئة.
تحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التحول لتجنب الإقصاء.
وفقاً للسيد دو هو هونغ، الرئيس التنفيذي لشركة Accesstrade، لا يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة أن تتبع منصات التجارة الإلكترونية الكبيرة إلى الأبد. لقد حان الوقت للشركات الصغيرة أن تكون أكثر استباقية وأن تصمم أنظمتها البيئية الخاصة. أبسط وأجدى طريقة هي إنشاء موقع إلكتروني منفصل للتجارة الإلكترونية، حيث تتحكم الشركات الصغيرة والمتوسطة بجميع العمليات وبيانات العملاء واستراتيجية العلامة التجارية.
يتزايد استخدام المستخدمين للذكاء الاصطناعي لتحليل المنتجات والأسعار عند التسوق عبر منصات التجارة الإلكترونية. صورة توضيحية
في الواقع، حقق هذا النموذج نتائج جيدة لشركات مثل “موبايل وورلد” أو “لونغ تشاو فارمسي”. فهم لا يتخلون عن المنصة، بل يوجهون سلوك العملاء بشكل استباقي من منصات التواصل الاجتماعي إلى مواقعهم الإلكترونية، مما يخلق مسار مبيعات أكثر فعالية.
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة أيضًا إلى الاستفادة من المنصات الداعمة مثل Google وZalo وYouTube، والجمع بين البث المباشر وخدمة العملاء عبر chatbot وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي البسيطة بشكل خاص (مثل اقتراحات المنتج التلقائية وتصنيف العملاء) لتوفير تكاليف الموظفين مع الاستمرار في تحسين الكفاءة.
من الاستراتيجيات المحتملة الأخرى بناء مجموعات من الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع نفسه. على سبيل المثال، يمكن لمجموعة من شركات الأزياء الصغيرة والمتوسطة في مدينة هو تشي منه استئجار مستودعات معًا، وتقاسم تكاليف النقل، والترويج جغرافيًا، والاستفادة من بيانات العملاء معًا. هذا النموذج ليس جديدًا عالميًا، ولكنه نادر التطبيق في فيتنام، مع أنه يمكن أن يساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على التغلب على قيود الموارد بطريقة ذكية.
وفقًا للسيدة لي ثي ها، رئيسة إدارة التجارة الإلكترونية بوزارة الصناعة والتجارة ، فإن المستهلكين “يستخدمون الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، ويهتمون بالتجارب، وينجذبون إلى الترفيه أثناء التسوق”. وبالتالي، فإن التحول الرقمي ليس مجرد “اتباع للصيحات” بل هو شرط للبقاء. ولتحقيق ذلك، تحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى استراتيجية طويلة المدى، تبدأ بإعادة تعلم كيفية التعامل مع العملاء في العصر الرقمي.
ومع ذلك، تقول العديد من الآراء أيضًا أنه من المستحيل مطالبة الشركات الصغيرة والمتوسطة بالسباحة بمفردها في المحيط الرقمي القاسي، بل تحتاج الدولة إلى التدخل بشكل أقوى، مثل توفير دعم رأس المال التفضيلي لمشاريع التجارة الإلكترونية المحلية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية المشتركة، وإنشاء مجال ضريبي عادل بين الشركات المحلية والأجنبية.
الأهم من ذلك، ضرورة الاستثمار في منصات التجارة الإلكترونية “صنع في فيتنام” لمنافسة المنصات الأجنبية، مع إعطاء الأولوية لسياسات خاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية (مثل العمولة الأولية المجانية، ودعم التواصل، والشحن المتزامن…). بمجرد توفر بنية تحتية محلية للتجارة الإلكترونية، ستتمكن الشركات الصغيرة والمتوسطة ليس فقط من البيع محليًا، بل أيضًا من الوصول إلى الأسواق الدولية بطريقة أكثر استباقية واستدامة.
تُعدّ الشركات الصغيرة والمتوسطة ركيزةً أساسيةً في الاقتصاد الفيتنامي، ولكن إذا استمرّ انغماسها في عالم التجارة الإلكترونية، فلن يقتصر الأمر على زوال عشرات الآلاف من الشركات فحسب، بل سيتراجع زخم النمو الرقمي بشكلٍ ملحوظ. وبناءً على ذلك، أكّد السيد نغوين نغوك دونغ، رئيس جمعية التجارة الإلكترونية الفيتنامية، قائلاً: “يجب أن تكون شركات التجارة الإلكترونية رائدةً في تطبيق التقنيات الجديدة. لم يعد الذكاء الاصطناعي مسألة “استخدامه من عدمه”، بل “ما هو الذكاء الاصطناعي الذي تستخدمه” و”كيفية تدريبه”.
لا ينطبق هذا القول على منصات التجارة الإلكترونية الكبيرة فحسب، بل هو ضروريٌّ أيضًا للشركات الصغيرة والمتوسطة إذا أرادت البقاء في سوقٍ دائم التغير. ووفقًا للسيد دونج، في سياق التجارة الإلكترونية المتغيرة يوميًا، إذا لم تُغيّر الشركات الصغيرة والمتوسطة نفسها، فسوف يُقصى النظام منها، لأن السوق لن ينتظر البطيئين. ومع ذلك، فبفضل الاستراتيجية الصحيحة، ودعم السياسات، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة إعادة صياغة قصص نجاحها بالكامل في عصر الرقمنة الشاملة
